ما الذي كسبناه من تجسد المسيح
|
بقلم المتنيح الأنبا غريغوريوس
|
ليس التجسد معناه فقط أن الله اهتم بالإنسان,وأنه أحبه,وأنه أتي لخلاصه,ولكن الإنسان كسب من مجيء المسيح شيئا دخل إلي صميم طبيعته.إن الله أخذ طبيعتنا,ونحن أيضا أخذنا من طبيعته,وهو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له. ما أعظم كسبنا! ما أعظم ربحنا!إنه أخذ منا طبيعتنا,فلم نخسر ما أعطيناه إياه,بل علي العكس ازداد الذي أعطيناه له شرفا وكرامة ورفعة وجلالا,فقد رفع المسيح في المجد جسدنا وأصعده إلي السماء.فكان صعوده بجسد بشريتنا باكورة.فتح أمامنا طريق الخلاص,فتح أمامنا الفردوس المغلق في وجوهنا. ثم إننا أخذنا من طبيعته هو,أخذنا منه..أخذنا الذي له..أخذنا ما رفعنا فوق شهواتنا..وفوق رغباتنا..وفوق حياتنا الدنية.بعد أن كنا نشتاق ونتحرق نحو الترابيات والجسديات والحسيات,صار البعض منا علي الأقل,ممن أخذوا طبيعة المسيح في المعمودية,وصانوا الحلة الأولي التي أخذوها في المعمودية,ورعوها بالمجاهدات الروحية,بالصلوات والأصوام والتأملات والقراءات وفحص الضمير وما إليها من أعمال التقوي ووسائط الخلاص..قد تساموا فوق الترابيات والجسديات والحسيات..وكسبوا لطبيعتهم ولإنسانيتهم قوة بل قوي ..أخذوا موهبة بل مواهب,رفعتهم فوق مستوي طبيعتهم البشرية,ردتهم لا طبيعة آدم الأول فقط,ولكن أعطتهم امتيازات أعظم,فقد قال المسيحإن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم من أعظم مواليد النساء,متي11:11,لوقا7:28لأن أصغر إنسان في الكنيسة قد نال باستحقاقات المسيح مواهب وامتيازات وعطايا لطبيعته,أعظم مما ناله يوحنا المعمدان أعظم أنبياء العهد القديم. هذا هو المعني الذي كان في ذهن القديس أوغسطينوس يوم أن امتلأ شعوره بالشكر والامتنان للرب حتي بارك خطيئة آدم.قالمباركة هي خطيئة آدم التي جلبت لجنسنا كل هذا الخير وكل هذه النعم والبركات.أخذ أوغسطينوس يتغني بخطيئة آدم.لأنه لولا خطيئة آدم لما كان أصابنا هذا الخير العظيم وهذه البركات التي لاتوسع,بركات العهد الجديد التي لم يكن كل ما ناله أهل العهد القديم منها إلا رموزا وظلالا بالقياس إلي ما ناله أبناء العهد الجديد,وهم موعودون أيضا بأن ينالوا بعد أن يخرجوا من هذا العالم ما لا نهاية لهبما أنك كنت أمينا في القليل سأقيمك علي الكثيرمتي25:23,21. فهناك الكثير الذي سوف يقام عليه الأتقياء والقديسون,هناك الكمال الذي لانهاية له.فكونوا إذن كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات كاملمت5:48. يقول يوحنا الرسولأيها الأحباء نحن الآن أبناء الله ولم يتبين بعد ماذا سنكون.غير أننا نعلم أنه إذا أظهر نكون نحن مثله لأننا سنعاينه كما هو.1يوحنا3:2. لقد فتح القديس يوحنا الرسول أمامنا طريقا صاعدا إلي فوق ليس له نهاية في الأمجاد,بل في الترقي بل في التصاعد إلي فوقإلي أن نبلغ إلي قياس قامة ملء المسيحأفسس4:13ونصير مشابهين ومماثلين للآب السماوي؟علي مثال القدوس الذي دعاكم,كونوا أنتم أيضا قديسين في سيرتكم كلها.1بطرس 1:15. بعد كل هذا ما هو المطلوب منا الآن: والآن أمام هذه البركات التي لاتوسع,وأمام هذه المحبة التي لاتستقصي التي أحبنا المسيح بها,...ما أحرانا أن يكون في قلبنا شكر,وأن يكون في قلبنا حمد,وأن يكون فينا وفاء,..فنكرم المسيح في أعمالنا...ونزين في كل شيء تعليم مخلصنا اللهتيطس2:10. نزينها ونشرفها..تتشرف المسيحية بنا,ويظهر مجد المسيح فينا..فليضيء نوركم هكذا أمام الناس حتي يروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السماواتمتي5:16. أنا الإنسان أمجد الله,وأعجبا!أنا الإنسان أشرف الذي دعاني والذي أحمل اسمه وأصير باسمه مسيحيا ومن أتباعه؟أحقا أن سيرتي أنا تشرف سيدي,وتحمل طابع سيدي..تعلن عن سيدي؟!ولو كانت سيرتي رديئة,أجدف علي اسم سيدي واجعل الآخرين يجدفون علي اسم ربي...؟! ولكن بما أنك فاتر لا حار ولا بارد فإني مزمع أن أتقيأك من فميالرؤيا3:16.وبما أ نك تقول أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة بي إلي شيء,ولست تعلم أنك أنت شقي وبائس ومسكين وأعمي وعريان.فأنا أشير عليك أن تشتري مني ذهبا مصفي بالنار حتي تستغني ,وثيابا بيضا حتي تلبس ولا يظهر خزي عريتك,وأثمدا تكحل به عي" تنبيه انت تخالف قوانين المنتدى" حتي تبصرالرؤيا3:18,17. لقد كسانا المسيح ببره فلنحفظ الحلة...لنحفظ للحلة كرامتها...والحلة إذا اتسخت نغسلها بدموع التوبة..ونصلي..ونتفاضل ونتنافس في الخير..ونجاهد من أجل الحياة الأفضل,جدوا للمواهب الروحية.1كورنثوس14:1اطلبوا تعطوا,ابحثوا تجدوا,اقرعوا يفتح لكم..متي7:7. تغيروا..تغيروا..تغيروا عن شكلكم,بتجديد أذهانكم ,لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملةرومية12:2. ما الذي يعوزنا: يعوزنا أن نتغير في الذهن بعد أن تغيرنا في المعمودية ,وأخذنا الطبيعة التي أعطانا المسيح إياها,ولبسنا الحلة الأولي الجميلة الناصعة البياض...فلنحفظ للحلة كرامتها,ولنحفظ للحلة بياضها,وإذا اتسخت نغسلها...فباب التوبة مفتوح وليس كل من يقول عن نفسه إنه تاب يكون قد تاب فعلا توبة حقيقية صادقة..فلربما أن يكون قد خدع نفسه أو خدع غيره. أما إذا كانت توبتنا صادقة,فالله يقبلها ويمحو خطايانا...ويطهرنا من كل إثم..ويرد إلينا طبيعتنا المجيدة,طبيعته المقدسة المقامة من بين الأموات. فليبارك المسيح علينا جميعنا ويحفظنا في اسمه المبارك غير عاثرين في شيء. له المجد والكرامة وله المجد إلي الأبد آمين. |